من قصص الحجاج

كان الحجاج ابن يوسف شديد الهمة قوي العزيمة عالي الهمة له قلب لا يتونا عن طلب النفس وبلوغ القصد وكان يبذل في ذلك الحيل والمكر والدهاء والذكاء وكان شديد الذكاء والمكر إلا أن مكره أحاط به كما قال تعال ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين لأن مكر الإنسان يبور في إخفاء الحقيقة وإن اخفاها ومكر الله غالب مكر الإنسان لأنه يظهر الحقيقة وإن تبدت للناس جميعهم بأن ما يخفي الإنسان من مكر على ظاهر الصلاح يظهره الله فتظهر الحقيقة . كان الحجاج معلم يعلم القرآن في الطائف وكان من حفظة القرآن الكريم وكان فطن ورع وله طلاب حفظوا عنه القرآن وأنكروا عليه غلظ قلبه وسوء مقصده فنشقوا عنه بعد أن نهلوا من مدرسته . بلغ أمر الحجاج عبد الله ابن الزبير حاكم مكة فاأرسل إليه أن يأتيه فأتى إليه فأرشده ووقع خلاف في نفسه وعندما عاد للطائف عزم على السفر إلى دمشق يطلب فيها خدمة معاوية فكان له ذلك بعد أن أجهد نفسه عناء السفر والتنكر وبذل الحيل والمكر والتضاعف حتى بلغ منزلة الحراسة ثم وصل بمكره إلى رئيس الحرس بشراء ثقة الخليفة بما أثبت له بأنه خير من يخدم الخليفة فولاه على حرسه ثم ولاه على العراق وخرسان والحجاز . وبلغ الحجاج مجده وأقبلت إليه الدنيا صاغره عطاء من الله غير محدود فظن أنه قد فطن إلى لعبة الحياة . وكان في حل وترحال بين دمشق والكوفة وفي أحدا رحلااته كان لا يترك شاردة ولا واردة في طريقه إلا يعرج عليها وكان في طريقه رجل مسن ليس له في الدنيا شيء إلا بعض غنيمات يرعاها ويأكل منها وينعم بنعم الله عليه بما يتفضل الله عليه من سعته . فدخل عليه الحجاج في كوخه المبني من القش فسأله عن نفسه قال له أن رجل لا أسم لي إلا أني عبد الله في ارضه فغضب الحجاج وقال اتعرف من انا قال نعم قال الحجاج من أكون قال تكون كون من جزء من كون الله فزاد غضب الحجاج ورما بصره من الدراهم الذهبية في صدر العجوز وقال له أنا الحجاج ابن يوسف الثقفي من الطائف والي الخليفة على العراق وخرسان والحجاز واعلم أنك في حمى ولايتي فقل لي عن شيء تعلمه وتخفيه عني . فقال الرجل العجوز تبلغ من أمرك غاية وتقتل راية تقتله في البداية ويقتلك في النهاية .